تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  التحرك به، وإن قيل: أمر فلان مستقيم فالمراد به شأنه وطريقته. واعترضه الرازي، وكان من حق المستدل أن ينقل عن أهل اللغة أنهم قالوا: إن لفظ الأمر مشترك بين هذه المعاني، أو أن الفهم يبقى مترددًا بينها عند الإطلاق، وأما غير أهل اللغة فلا عبرة بما يتبادر إلى أفهامهم.
  احتج المنصور بالله وموافقوه بتردد الفهم بين هذه الثلاثة، ولا يترجح أحدها إلا بقرينة، وذلك دليل الاشتراك.
  وأما جهة التأثير فليس استعمال لفظ (أمر) حقيقة لغوية فيها؛ لأن أهل اللغة لم يعقلوا معناها الذي ذكره المتكلمون، حتى يضعوا لها عبارة تدل عليها.
  وأجيب بأن ليس المراد المعنى الذي يذكره المتكلمون، بل المقصود أنه لا بد من أمر لأجله تحرك الجسم كائناً ما كان من فاعل، أو معنى، أو صفة أو غير ذلك، فلا بد من أمر جملة لولاه لما احترك الجسم، وهذا شيء يعقله أهل اللغة.
  قال في حواشي (الجوهرة): بل يقرب أنه يعلم بالضرورة. وأما عدم استعماله في الفعل حقيقة فلأنه لو كان حقيقة فيه لاطرد في قليله وكثيره، والمعلوم أنه غير مطرد في القليل، فإنه لا يقال لمن حمل خردلة أو بصق ريقه هو في أمر.
  احتج القائل بأنه للقدر المشترك بين القول والفعل بأنه أولى من القول بالاشتراك اللفظي والمجاز.