تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث
  على مقتضى كلامه، والمعلوم أنا نستدل به على أن المورد له مريد لما تناوله ونعلم ذلك ضرورة، وقد أجاب(١) عن هذا بأن قال: إنا لا نستدل بالأمر على الإرادة من حيث كونه أمراً، بل من حيث كون الصيغة الموضوعة للطلب، فإذا سمعناها مجردة عن قرينة التهديد ونحوه علمنا أنه مريد لما تناولته.
  قال #: ولم يزد في هذا الجواب على أن سلم ما ذكرناه من أنا نستدل بالأمر على الإرادة.
  وأما قوله: إنما دلَّ عليها من حيث كونه صيغة وضعت للطلب لا من حيث كونه أمراً، فمغالطة؛ لأنها لا معنى لكونه طلباً إلا كونه أمراً.
  فإن قيل: أليس مذهب الجمهور أن صيغة الطلب حقيقة في الأمر مجاز في التهديد، كما حكاه عنهم أبو الحسين، واحتج على ذلك بأن السامع إذا سمع غيره يقول: افعل كذا مجرداً عن القرائن فإنه يتبادر إلى فهم الطلب، فما لكم لا تقولون: إنه لا يحتاج إلى صفة تميزه عن التهديد، اكتفاءً بوضع الصيغة؛ إذ لا تستعمل في التهديد وغيره إلا بقرينة، فلا يعدل به عن الموضوع له من دونها.
  قيل: لأنا لا نوجب الصفة لتميزه عن التهديد فقط، بل ليتميز عن سائر أقسام الكلام، من الخبر وغيره، كما أوجبنا للخبر بكونه خبراً صفة يتميز بها عن سائر أقسام الكلام. هكذا أجاب الإمام المهدي.
(١) يعني أبا الحسين. تمت مؤلف.