مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مث

صفحة 2571 - الجزء 4

  وأجيب بأنه يلزمه أن يكون التهديد أمراً؛ لأن الصيغة لم تخرج عن كونها أمراً، ويلزمه أيضاً أن يكون الجزء الواحد من الصيغة أمراً، وأن لا يكون للمواضعة في ذلك تأثير؛ لأنها تكون أمراً قبل الوضع، وهو باطل.

  وقال الرازي: لا حاجة إلى شيء يتميز به الأمر عن غيره، بل الوضع كافٍ في كون الصيغة أمراً؛ إذ لا تعتبر فيه إرادة. كسائر الأوضاع النحوية؛ نحو: أسد، وحماره واختاره الحسين بن القاسم، واحتج له بأنه من علم بوضع لفظ إذا ورد عليه ذلك اللفظ من حكيم - علم أنه مراد به معناه الحقيقي، إلا أن يصرف عنه صارف من القرائن، وإن كان مشتركاً فالتمييز للقرائن لا لما ذكروه من الأفعال القلبية التي غالبها الخفاء، وقد أشرنا إلى هذا وجوابه فيما مر⁣(⁣١)، قال: وكلام أبي القاسم محمول على هذا.

  قال الدواري: وليس كذلك فإن من تقدم من أهل العدل لم يذكروا ذلك عن أبي القاسم، وهم أعرف بمقاصد أسلافهم، وإن كان ما ذكره الرازي غير بعيد عن المقصد، فهذا تحقيق الخلاف فيما به يكون الأمر أمراً على ما هو المشهور من الخلاف، وإلا ففي المسألة خبط وخلط الفرع بالأصل⁣(⁣٢)، ومناقضة في النقل، ففي (شرح الغاية) عن الإمام يحيى أن أبا علي وأتباعه يقولون: إنه لا يكون الأمر أمراً إلا بإرادات ثلاث: إرادة حدوث الصيغة، وإرادة كونها أمراً،


(١) في الرد على أبي الحسين. تمت مؤلف.

(٢) يعني خلط ما جعله المؤلف هنا فرعاً على مسألة كون للأمر حالاً بالمسألة كما في الغاية، ومناقضة النقل لأنه وقع اختلاف بين الأصحاب في نقل أقوال بعض العلماء. تمت مؤلف.