تفسير قوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون 28}
  وأما ما يدل على داوم العذاب لبعض العصاة كالمنافق فمخصوص به، ولا مانع من أن يكون معذباً في قبره وإن كنا إذا شاهدناه لم نجد أثر العذاب وإن لم نشاهد شيئاً من ذلك كما في النائم، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا، ونصَّ عليه النووي في شرح صحيح مسلم. فقال: المعذب عند أهل السنة الجسد بعينه أو بعضه، بعد إعادة الروح(١) إليه، أو إلى جزء منه، ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تفرقت أجزاؤه أو أكلته السباع، فكما أن الله تعالى قادر على أن يعيده للحشر فكذا يعيد الحياة إلى جزء منه أو أجزاء، ولا يمنع من ذلك مشاهدتنا للميت على حالة في القبر لا يصح معها السؤال والقعود ونحوهما، فإن له نظيراً في العادة، وهو النائم، فإنه يجد لذة وآلاماً لا يحس بحس شيئاً منها؛ وكذلك يجد اليقظان لذة وآلاماً لما يسمعه، أو يفكر فيه، ولا يشاهد ذلك جليسه منه، وكذلك كان جبريل # يأتي النبي ÷ فيخبر بالوحي ولا يدركه من حوله، وكل هذا ظاهر جلي. ثم حكي عن أصحابه أنهم قالوا: وأما إقعاده المذكور في الحديث فيحتمل أن يختص بالمقبور دون المنبوذ ومن أكلته السباع.
  وأما ضربه بالمطارق فلا يمتنع أن يوسع له في القبر فيقعد ويضرب.
  هذا، وأما حديث عرض المقعد بالغداة والعشي فليس نصاً في أنه لا يتنعم ولا يتعذب في غير هذين الوقتين، بل يحتمل ذلك، ويحتمل أن العرض المذكور زيادة في نعيمه وعذابه المستمر.
(١) لأن النعيم والعذاب يقعان على الروح والجسد معاً باتفاق أهل السنة. تمت مؤلف.