مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثالث: في ذكر شيء مما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة وعن بعض قدماء أهل البيت $ مما يوهم القول بالجبر وذكر تأويله أو إبطاله

صفحة 258 - الجزء 1

  وكلامه # الصريح في أن الفعل الذي يقع عليه الجزاء من العبد لا من الله، وأن نسبتها إلى الباري تعالى ليس إلا لكونه أعان المطيع وخذل من علم منه عدم الاهتداء، وهو وجه صحيح في صحة الإسناد المجازي لا يخفى على من له أدنى مسكة في علم المعاني.

  فإن قلت: ففي كلامه # ما يدل على أن القدرة مقارنة للمقدور حيث قال: لا أن خلق الله تقدم فعل العباد ... إلخ وهو خلاف مذهب العدلية.

  قلت: قد تقدم أنه لم يقصد بنسبة خلقها إلى الله تعالى إلا من حيث أنه أعان المطيع وخذل من علم منه الضلالة، وإلاعانة والخذلان مقارنان للفعل، ألا ترى أن من حاول نقل الثقيل ونحوه فإنه إن لم يقدر عليه يطلب المعونة على نقله، ولا تكون تلك المعونة حاصلة إلا إذا قارنت العمل وحيث طلبها من أحد ولم تحصل عند المحاولة للثقيل، فإن تاركها المتمكن منها يسمى خاذلاً، فثبت أن أحمد بن عيسى # لم يقصد بالمقارنة إلا من هذه الحيثية، وأما خلق الفهم والجوارح فقد صرح # بتقدمها حيث قال: والحجة تلزمهم بما ركب من جوارحهم، وسلامتها من الآفات المانعة لهم، وهذه متقدمة قطعاً، والحاصل أن نسبة خلقها إلى الباري ليس إلا من حيث الإعانة بمزيد الهداية والخذلان لا من حيث التمكين بخلق الجوارح ونحوها، على أنه لا مانع من نسبتها إليه تعالى مجازاً من هذا الوجه إلا أنه غير مقصود هنا⁣(⁣١)، وقد ذكر ذلك العلامة ابن أبي الحديد فإنه نص


(١) أي بخلاف ما سيأتي من بيان المقصود بقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦} تمت مؤلف.