مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الفصل الثالث: في ذكر شيء مما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة وعن بعض قدماء أهل البيت $ مما يوهم القول بالجبر وذكر تأويله أو إبطاله

صفحة 259 - الجزء 1

  على أن الله تعالى مؤثر في كل شيء، قال: إما بنفسه أو بأن يكون مؤثراً فيما هو مؤثر في ذلك الشيء كأفعالنا فإنه يؤثر فينا، ونحن نؤثر فيها. ذكره في شرح النهج، بل لو قيل إنه أراد بهذه النسبة الحقيقة⁣(⁣١) لم يبعد ويكون مقوياً لما يأتي من التأويل الآخر لكلام الأئمة $.

  وأما ما ذكره الحسن بن يحيى # من الإجماع فليس المقصود به أيضاً إلا الإسناد المجازي مع نفي استقلال العبد بفعله، حتى لا يحتاج إلى تمكين الله تعالى له، ولا خلق القدرة فيه عليه؛ لأن ذلك يكون شركاً، وهذا حق فإن العدلية لم يقولوا باستقلال العبد بفعله واستغنائه عن الله إذ لو لم يمكنه الله تعالى لما قدر على شيء أصلاً، والدليل على أن هذا مقصودهم أنه احتج على صحته بما يدل على نفي الشريك، فإنه قال والحجة في ذلك كتاب الله ø، قال الله سبحانه: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ٨٩ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ...} الآية [مريم: ٨٩ - ٩٠].

  فإن قلت: لكنه احتج بعد هذه الآية بقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات] ونحوها.

  قلت: لم يقصد بذلك إلا ما تقدم من نسبتها إلى الباري تعالى على جهة المجاز؛ لأنه قال بعدها: فإن زعموا أن أفعال العباد ليست منهم فقد زعموا أن الله عذب العباد على ما ليس منهم وأثابهم على ما ليس منهم، وإن زعموا أن أفعال العباد منهم فقد لزمتهم الحجة أن أفعال العباد مخلوقة، فإن زعموا أنها ليست منهم مخلوقة فقد جحدوا


(١) يعني نسبة الأفعال إلى الله تعالى من حيث أنه أعان عليها أو نحو ذلك مما يفيد تأثيره على الوجه الجائز في حقه تعالى. تمت مؤلف.