مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2719 - الجزء 5

  والسموم والغموم، والمخاوف. وقال غيره بعد أن حكى أن قوله: {مَا فِي الْأَرْضِ} عام ما لفظه: لكن يرد على هذا العموم أن كثيراً من ما في الأرض ضار كالسباع والحشرات، وبعضها لا فائدة له أصلاً كالهوام، ويجاب بأنها كلها نافعة إما بالذات كالمأكول والمركوب، وإما بواسطة، ألا ترى أن السباع الضارية أهلكت كثيراً من الحيوانات التي لو بقيت أهلكت الحرث والنسل والحيات يتخذ منها الترياق.

  الوجه الثاني: أنا وإن سلمنا تخصيصها فلا نسلم أن العام المخصوص بمبين ليس بحجة، كما مر. وهذا الوجه أحسن من الأول؛ لأن الآية وإن تناولت ما في الأرض جميعاً بالاعتبار الذي ذكروه فهي لم تتناول جميع وجوه الانتفاع في أفراد ما تناولته، للقطع بتحريم الضار، وتحريم إتيان البهائم في فروجها، وغير ذلك مما يمكن أن يكون نفعاً لكن منع منه مانع عقلي أوشرعي، فهي لا تخلو عن تخصيص. والله أعلم.

  وأما قولهم: لو سلمنا حجية العام المخصوص فنحن نخص هذه العمومات بالعقل فقد مر أن العقل لا يقضي بقبح الانتفاع ... إلى آخر ما مر.

  وأما قولهم: لا حجة في قصة نوح إلا بدليل قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}⁣[الأنعام: ٩٠].

  وأما الآثار عن الصحابة فالمراد بها التأييد والتأكيد؛ لأنهم أعرف بمقاصد الشرع، إلا ما صح عن أمير المؤمنين # فهو عندنا حجة.