مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [الأصل في الأشياء]

صفحة 2721 - الجزء 5

  بهذه القدرة عن هذه الجملة ما يقتضي حظراً ولا إباحة ولا وقفاً، وإنما جاء ذكر هذه الآية في معرض الدلالة والتنبيه ليستدل بها على وحدانيته.

  قلت: ولا وجه لمنع دلالتها على الإباحة، وكون المراد بها ما ذكر لا يمنع من ذلك؛ إذ اللفظ يقتضيه، بل لا يصح الاستدلال بها على التوحيد ولا على التذكير بالنعم والاعتبار إلا إذا كان ما تناولته على ما يقتضيه ظاهرها، ولهذا حافظ الزمخشري وغيره على بقاء عمومها على حسبه، ولو أنصف ابن العربي لقال: إنها تدل على أن حكم الأشياء كلها على الإباحة عقلاً؛ لأن الامتنان والتذكير والتنبيه على التوحيد لا يصح إلا إذا كان ذلك مركوزاً في عقولهم، بحيث لا يمكنهم إنكاره، وإن أنكروه ظهر عنادهم لسائر العقلاء، وكذلك قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا ...}⁣[الآية الأنعام: ١٤٥] وسائر الأدلة المتقدمة، وأقوال الصحابة تدل على أن الأصل الإباحة عقلاً، في حيوان وغيره، وأنه لا يحكم بتحريم إلا بدليل شرعي؛ ويؤيده أن النبي ÷ كان يركب البهائم قبل البعثة، وأيضاً الأدلة⁣(⁣١) العقلية الدالة على أن الأصل في المنافع الإباحة تتناول الحيوانات، وقد مرت في السادسة من المقدمة.

  هذا، وأما أصحابنا فظاهر كلامهم أن الإباحة في الحيوانات ليست إلا شرعية، وممن صرح بذلك النجري، فإنه قال: وإيلام البهائم إنما حسن شرعاً فقط.


(١) هكذا في الأصل، ولعلها (وأيضاً الأدلة نخ) والله أعلم.