المسألة السادسة [الأصل في الأشياء]
  وقال السيد محمد بن الهادي في قوله تعالى: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} الآية [النحل ٥]: تدل على جواز أكلها، والانتفاع بجميع المنافع منها، وقد ورد بذلك الشرع الشريف. قال: وهو معلوم من الشرع ضرورة.
  وحكى النجري عن بعض السلف أنه كان ينهى عن تحميل آلة الحرث على البقر. قال: وكذلك سائر وجوه الانتفاع، إلا ما أباحه الشرع بدليل خاص.
  قلت: ومقتضى مذهب الهدوية ومن وافقهم وحجة الأولين ما مر من عموم الأدلة عقلاً ونقلاً، وحجة الآخرين ما مر من أن الأصل في الحيوانات الحظر، فلا يحل من وجوه الانتفاع بها إلا ما خصه دليل؛ ويحتج لهم أيضاً بما في صحيح مسلم قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، وحرملة بن يحيى، قالا: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أنهما سمعا أبا هريرة يقول: قال رسول اللّه ÷: «بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني إنما خلقت للحرث»، فقال الناس: سبحان اللّه تعجباً وفزعاً أبقرة تكلم؟ فقال رسول اللّه ÷: «فإني أومن به وأبو بكر وعمر». وله طريق أخرى قال: وحدثنا محمد بن عباد حدثنا سفيان بن عيينة، (ح) وحدثني محمد بن رافع، حدثنا أبو داود الحفري، عن سفيان