مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2724 - الجزء 5

  كلاهما عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي - ÷ بمعنى حديث يونس عن الزهري.

  وأخرجه البخاري، قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سعيد، قال: سمعت أبا سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - ÷، فذكر نحوه إلا أنه قال: «بينما رجل راكب على بقرة» وسعد هو: ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وأخرجه الترمذي. وهو دليل على أنه لا يجوز استعمال الدواب في غير ما خلقت له نصاً في البقرة، وقياساً في غيرها؛ لأن علة المنع إنما هو كونها لم تخلق لما فعله هذا الرجل من الحمل أو الركوب، فكذلك يجب المنع من استعمال سائر الدواب فيما لم تخلق له للعلة المذكورة، وقد أعلمنا اللّه في كتابه بما خلق له الأنعام والخيل والبغال والحمير، فقال في الأنعام: {فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ٥ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ٦ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}⁣[النحل: ٥ - ٧] وقال في الخيل وما بعدها: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}⁣[النحل: ٨] وهذا إذا ضممته إلى الدليل العقلي كان حجة قاطعة على المنع.

  والجواب: أما قولهم إن الأصل الحظر فقد مر إبطاله.

  وأما الحديث فلا يقاوم القواطع العقلية والنقلية الدالة على جواز مطلق الانتفاع، ما لم يخرج إلى حد الجور والظلم، على أنه يجاب عنه وعن الآية بأن ذكر الحرث والركوب والزينة لا يدل على أن المنفعة مختصة بذلك، وإنما خصت هذه المنافع بالذكر لأنها معظم المقصود،