تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  ولا فائدة لوصفه بذلك والدلالة على أمكنيته في الوجوب إلا وجوب تقديمه والاهتمام به وقد مر، عن الراغب أن الحق قد يستعمل:
  استعمال الواجب واللازم. والله الموفق.
  واعلم أن حقوق اللّه وحقوق العباد التي يقدر فيها التعارض على أربعة أضرب:
  الأول: أن يكونا ماليين، فحق الله كالزكاة، والفطرة، والأخماس، والمظالم الملتبس أهلها، ونحو ذلك مما لا يتعلق إلا بالمال، وحق الآدمي كالدين، وهذا الضرب قد تقدم الكلام عليه.
  الضرب الثاني: أن يكونا بدنيين، وهو ثلاثة أقسام:
  أولها: أن يكون حق اللّه عبادة، فيقدم حق الآدمي اتفاقاً؛ لأن العبادة نفع للمكلف، وليس له أن يؤثره على إيفاء غيره حقه، كصوم المرضعة التي تخشى على الرضيع ضرراً، أو صوم المرأة ما أوجبته على نفسها بغير إذن الزوج، ونحو ذلك.
  ثانيها: أن يكون حق اللّه عقوبة، كالحد فيقدم على حق الآدمي المحض؛ لأنه لما شرع لدفع المفسدة بما فيه من الزجر أهم، لما عرف من أن دفع المفسدة العامة أهم من جلب المصلحة الخاصة، فيقام الحد على الزوجة والمملوك، وإن فات حق الزوج والسيد ونحو ذلك ما لم يخش فوت مهجة الآدمي، كأن يخشى على الصبي التلف بإقامة الحد على أمه فلا، فأما إذا كان حق الآدمي مستويا بحق اللّه كالقصاص فيقدم على الرجم.