مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2740 - الجزء 5

  أن الضيعة موجودة في ملكه ولا يقال استوى إليها وهي غير موجودة في ملكه إلا على ضرب المجاز.

  وأما الرازي فذكر على هذا الوجه إشكالين:

  أحدهما: أن الأرض جسم عظيم يمتنع انفكاك خلقها عن التدحية، وإذا كانت التدحية متأخرة عن خلق السماء كان خلق الأرض متأخراً عن خلق السماء لا محالة.

  قلنا: هذه دعوى⁣(⁣١)، ولا وجه لها فإن المعلوم ضرورة إمكان خلقها غير مدحوة، وما كان ممكناً فلا يمتنع وقوعه، وإلا لخرج عن كونه ممكناً.

  ثانيهما: أن الآية تدل على أن خلق الأرض وما فيها قبل خلق السماء، وخلق الأشياء فيها لا يمكن إلا إذا كانت مدحوة، فهذه الآية تدل على أنها مدحوة قبل خلق السماء، وحينئذ يتحقق التناقض.

  وأجاب بأن قوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠}⁣[النازعات] يقتضي تقديم خلق السماء على الأرض، ولا يقتضي تقديم تسويتها على خلق الأرض، وعلى هذا يزول التناقض. ثم اعترض هذا الجواب بأن قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ٢٧ ...} الآية [النازعات: ٢٧] يقتضي تقدم خلق السماء وتسويتها على تدحية الأرض، وتدحية الأرض ملازمة لخلقها، فيكون خلق ذات السماء وتسويتها مقدم على خلق ذات الأرض وتدحيتها، فيعود السؤال.


(١) أي امتناع الانفكاك عن التدحية. تمت مؤلف.