المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن الله عالم]
  والجواب ما مر من أنا لا نسلم أن تدحية الأرض ملازمة لخلقها، وحينئذ يرتفع الإشكال.
  الوجه الثالث: أَن ثُمَّ هنا إنما جيء به للإيذان والدلالة على ما بين الخلقين من التفاوت في المزية والفضل الذي امتازت به العلويات على السفليات، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}[البلد: ١٧] وليست للتراخي الزماني. قال أبو السعود: فإن تقدمه على خلق ما في الأرض المتأخر عن وجودها مما لا مرية فيه، لقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ٣٠}[النازعات] ولما روي عن الحسن.
  الوجه الرابع: أن ثُمَّ هنا ليس للترتيب، فإنما هو على جهة تعديد النعم؛ مثاله قوله: أليس قد أعطيتك النعم العظيمة، ثم رفعت قدرتك، ثم دفعت الخصوم عنك، ولعل بعض ما أخره في الذكر قد تقدم، فكذلك هاهنا.
  قال الرازي: وهذا الجواب الصحيح.
المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن اللّه عالم]
  دلت الآية الكريمة على أن الله تعالى عالم، وليس الاستدلال بها من الاستدلال بالسمع من حيث أنه سمع، بل من حيث أنه مثير لدفائن العقول، ألا ترى أنه نبه قبل قوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٩}[البقرة] على دليل العالمية، الذي هو خلق الأرض وما فيها، وتسوية السماوات المشتمل على الإحكام العجيب، والإتقان الغريب.