المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن الله عالم]
  الثاني: أنكم ذكرتم صحة الفعل، والفعل وصف لما وجد من المقدورات، والصحة حكم لما لم يوجد، فكيف: يصح منه الفعل المحكم وبعد الحصول لا صحة؟
  الثالث: أَن المانع وما يجري مجراه لا يتصور إلا في حقنا، فأما الباري تعالى فلا مانع في حقه، كما مر تقريره في السؤال السادس على حد القادر.
  الرابع: أن المانع لا يكون مانعاً إلا إذا وجد في وقت وجود المقدور، كما مر في السؤال الخامس على مسألة قادر.
  والجواب عن هذه الأسئلة قد مر في الثانية من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢٠}[البقرة] وقال أبو الحسين، وابن الملاحمي: العالم هو المتبين لأمر من الأمور تبيناً يمتنع معه في نفسه تجويز خلافه. واعترضه القرشي بأن هذا اللفظ لا يطلق إلا على من يتعرف الشيء بمشقة وتجويز، وبأنه لا يفيد حصول المعرفة، ولهذا يقال: تبينت الشيء فما عرفته، وبأن المتبين أخفى من العالم.
  وقال ابن حابس هو من يمكنه إحكام الأشياء المتباينة وتمييز كل منها بما يميزه، أو من أدرك الأشياء إدراك تمييز وإن لم يقدر على فعل محكم.
  نعم، وقد ذكر العلماء للعالم حدوداً غير ما ذكر، وهي في المعنى راجعة إلى ما ذكرنا، ولعله يأتي على أصل من قال: إن العلم لا يحد أن يقال في العالم كذلك. واللّه أعلم.