تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  من الأجسام، كتأليف أجسام الأحياء، وأزهار الأشجار، وثمارها. ونحو ذلك.
  وجواب آخر: وهو أن ذلك الغير إما قديم وهو باطل؛ إذ لا قديم مع اللّه تعالى، وإما محدث وهو إنما يكون قادراً بقدرة وعالماً بعلم، وذلك يحتاج إلى بنية مخصوصة، فيحتاج إلى غاية الإحكام، فيجب في فاعله أن يكون عالماً، وذلك كاف في حصول الغرض؛ لأن فاعله هو اللّه، وإلا لزم التسلسل.
  وأما الأصل الثاني وهو أن من صح منه الفعل المحكم فهو عالم فقال الإمام القاسم بن محمد: هو ضروري. وقال القرشي: هو ضروري في الجملة؛ لأن معنى العالم هو من يصح منه الفعل المحكم.
  وظاهر كلام السيد مانكديم والإمام المهدي وغيرهما أن ذلك استدلالي، واستدلوا عليه بأنا وجدنا في الشاهد قادرين أحدهما قد صح منه الفعل المحكم كالكاتب والآخر تعذر عليه ذلك كالأمي، فمن صح منه يجب أن يفارق من تعذر عليه ذلك بأمر، وليس ذلك إلا صفة ترجع إلى الجملة، وهي كونه عالماً؛ لأن الذي يشتبه الحال فيه ليس إلا كونه ظاناً أو معتقداً، وذلك مما لا تأثير له في إحكام الفعل بدليل أن أحدنا أول ما يمارس الكتابة ويتعلمها قد يظنها ويعتقدها. ولا تتأتى منه محكمة، فصح أن صحة الفعل المحكم دليل كونه عالماً في الشاهد، وإذا ثبت ذلك في الشاهد ثبت مثله في الغائب؛ لأن طرق الأدلة لا تختلف شاهداً وغائباً.