مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2747 - الجزء 5

  واعلم أنه يسأل هنا عن دليل ثبوت هذه المفارقة، وأنها لم عللت، ثم لم وجب تعليلها بأمر يرجع إلى الجملة، والكلام عليه على نحو ما مر في مسألة قادر، ويلحق بهذه الجملة سؤالات:

  الأول: أن صحة إحكام الفعل في الشاهد إنما تدل على كون فاعله عالماً لمطابقته للمواضعة والعادة السابقة، وهذا غير ثابت في حق اللّه تعالى؛ لأن أفعاله تعالى مبتدأة لا تجري مواضعة في مثلها ولا عادة.

  والجواب من وجهين:

  أحدهما: ذكره السيد مانكديم وهو أن صحة الفعل المحكم إنما تدل على كون فاعله عالماً من حيث أنه صح من أحدهما وتعذر على الآخر، حتى لو صح ذلك من جميع القادرين لم يدل على كونهم عالمين، بدليل أن الكتابة اليسيرة كالكثيرة في الإحكام، وهي لا تدل على أن فاعلها عالم لما لم يتعذر على غيره، بخلاف الكثيرة، فإنها تدل على ذلك لتعذرها على غيره.

  الثاني: ذكره الإمام المهدي وغيره. وهو أن في أفعال اللّه ما يجري مجرى ما تجري فيه المواضعة والعادة، ألا ترى أن اللّه تعالى أجرى العادة المستمرة بأن لا يخلق هذه الحيوانات إلا من أجناسها، كالبقر من البقر، والغنم من الغنم، وكذلك لا يخلق هذه الثمار إلا من أشجارها المخصوصة، وذلك يدل على علمه بالأصول عند خلقه الفروع التي أوجدها من جنسها وهذا جار مجرى المواضعة ومطابقتها.