مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}

صفحة 2748 - الجزء 5

  السؤال الثاني.

  إذا كان الدليل على أن اللّه عالم وقوع الفعل المحكم وكشف الفعل عن الصحة قبله فيلزم فيما وقع منه تعالى غير محكم، كإيجاد الأعراض والجواهر التي لا تأليف بينها، والصور الناقصة المستقبحة - أن تدل على أنه تعالى غير عالم.

  والجواب من وجوه:

  أحدها: أن هذا جمع من غير جامع.

  ثانيها: أن وجود الفعل المحكم يدل على أنه تعالى عالم من جهة المفارقة، بخلاف غير المحكم، فإنما يدل على أنه قادر، ولا يدل على العالمية بنفي ولا إثبات.

  ثالثها: أن العالم قد يوجد منه فعل غير المحكم لغرض. ولا يخرجه ذلك عن كونه عالماً دليله أن الواحد منا قد يكون عالماً بالكتابة وكيفية إحكامها، وتوجد منه كتابة غير محكمة لغرض من الأغراض، ولا يخرجه ذلك عن كونه عالماً.

  فإن قيل: فما الحكمة في خلق الصور القبيحة؟

  قيل: لا بد فيها من حكمة ومصلحة لما تقرر من عدل اللّه وحكمته سواء عرفناها تفصيلاً أم لا، وقد قيل: وجه الحكمة أن في وجودها كذلك لطفاً لنا، وأقل أحوالها أن تدعونا إلى الشكر على تمام الخلقة، وتحسين الصورة.