تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  السؤال الثالث.
  إذا كان في الأفعال ما يدل على أن فاعله عالم فهل فيها ما يدل على أن فاعله جاهل، أي معتقد اعتقاد جهل؟
  والجواب: أنه لا يوجد فيها ذلك؛ لأن غير المحكم كما يقع من الجاهل فقد يقع من العالم، قال الإمام المهدي: أما إذا علمنا أن داعيه متوفر إلى إيجاد الفعل المحكم فتعذر عليه علمنا أنه ليس بعالم به، وإذا جادل على تصحيح الباطل وعلمنا من شاهد حاله الجد في التمسك به والدفع عنه علمنا أنه معتقد اعتقاد جهل.
  السؤال الرابع.
  إذا قستم الغائب على الشاهد في كونه قادراً عالماً فهلا حملتموه عليه في كونه جسماً؛ إذ قد ثبت في الشاهد أن القادر العالم لا يكون إلا جسماً؟
  والجواب: أن هذا قياس بلا، رابطة وإنما استندتم في ذلك إلى مجرد الوجود، وهي طريقة باطلة، وقد مر الكلام عليها في المسألة السابعة من مسائل الحمد للّه(١)، وأيضاً هو قياس مع وجود الفارق، فيجب أن يكون باطلاً؛ وذلك أنا إنما أوجبنا في القادر العالم في الشاهد أن يكون جسماً لأنه قادر بقدرة وعالم بعلم، والقدرة والعلم لا بد لهما من محل، والمحل متحيز، والجسم مركب من المتحيزات؛ بخلاف الباري، فإنه قادر عالم لذاته، فظهر الفرق.
(١) في الجواب على الاعتراض الأول على قياس الغائب على الشاهد، والله أعلم.