تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  التبين من ناحية الصدر فمسلم، لكن العالم هو الجملة كما أن قدرة الكتابة في اليد والكاتب هو الجملة، واستدل على أنه حالة لذات الباري تعالى بأنه(١) أمر زائد على ذاته، ولا يعقل من دونها، فكان حالة لها، أما أنه أمر زائد فلأنه قد صح منه الفعل المحكم، فإما أن يصح لأنه ذات مطلقة، أو لأنه ذات مخصوصة، أو لأن ذاته تبين للأشياء.
  الأول باطل، وإلا لزم صحة الإحكام من كل ذات.
  وأما الثاني فيقال لهم: أصَحَّ منه لأنه ذات مخصوصة بكونها متبينة للأشياء أم لا؟ إن قالوا: لا، لزمهما صحة الإحكام ممن لم يتبين، وهو محال.
  وأما الثالث فباطل؛ لأن ذاته لو كانت تبيناً للأشياء وهذا التبين حاصل لنا لكان يلزم أن يكون مثلا لتبيننا، وأما أن التبين لا يعقل من دون ذاته فهو ظاهر فثبت كونه حالة لذاته تعالى، هذا ما حكاه ابن الملاحمي(٢).
  وأجيب بأن هذا الدليل هو الذي يستدل به البهشمية على إثبات الحالة، فهو موضع اتفاق، لكنهم يثبتون تعلقاً للعالم بالمعلوم غيرها، وهو صحة إيجاد المعلوم من جهته محكماً، وهذا لا يمكن إنكاره.
  فأما ابن الملاحمي فاستدل على أن هذا التبين حكم لا حالة
(١) أي التبين.
(٢) عن أبي الحسين. تمت مؤلف.