تفسير قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم 29}
  بأن التعلق بين العالم والمعلوم لا يعقل من دونهما، والحالة لا يعتبر فيها الغير(١).
  وأجيب بأنا لا نسلم أنه حكم، لكنا نستدل على الحالة بما ذكرته عن أبي الحسين.
  قال القرشي: وقد استدل شيوخنا لإثبات هذه الحالة مع ما تقدم بأنه يستحيل حصول العلم بالشيء في جزء من القلب والجهل به في آخر، ولا وجه لهذه الاستحالة إلا حصوله على صفتين ضدين؛ لأن المعاني لا تتضاد إلا على المحل، واعترضه ابن الملاحمي بأنه مبني على إثبات المعاني؛ ويمكن أن يجاب بأنا لا نحتاج إلى ذكر المعاني، بل يكفي أن نقول: يستحيل أن يكون أحدنا عالماً بالشيء جاهلاً له، والوجه ما مر؛ إذ لو لم يكن إلا مجرد التعلق لما استحال تعلق القلب بالشيء على ما هو به وعلى ما ليس هو به، ألا ترى أن المجوز للشيء قد تعلق به على ما هو به وعلى ما ليس هو به وليس له أن يفرق بسكون النفس؛ لأنه لا يثبته ولأنه من أحكام العلم.
  قال القرشي: قال أصحابنا: ولو لم يكن إلا ما في القلب من التعلق وفي اليد من البنية لما صح وقوع الفعل ولا إحكامه باليد لداع في القلب، كما لا يصح بيد زيد لداع في قلب عمرو.
  قالوا: ولا يصح الفرق بأن اليد متصلة بالجملة؛ إذ لا حكم لذلك إلا إذا كان المؤثر راجعاً إلى الجملة واعترضه أبو الحسين بأنه يلزم
(١) يعني والتعلق قد اعتبر فيه الغير، إذ العالم والمعلوم متغايران، فلهذا كان حكماً. تمت مؤلف.