المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن الله عالم]
  إذا عرفت هذا فنقول: استعمال المحصي في حق اللّه تعالى مجاز، ومعناه أنه العالم الذي يحصي المعلومات ويحيط بها كإحاطة العاد بما يعده.
  وقيل: معناه القادر الذي لا يشذ عنه شيء من المقدورات.
  قال القرشي: وأما الغم، والندم، والأسف، والحسرة، ونحو ذلك فلا شبهة في امتناع إجرائها عليه تعالى؛ لأنها تفيد اعتقاداً مخصوصاً فيما يرجع إلى فوات النفع، أو وقوع الضرر، وهو مستحيل عليه تعالى؛ وقوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}[يس: ٣٠] مجاز، وقيل: معناه أن أفعالهم تصير حسرة عليهم، وقوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا}[الزخرف: ٥٥] مجاز، وقيل: معناه آسفوا أولياءنا.
فائدة [في القدرة والعلم الحقيقيين]
  ذكر السيد أحمد بن محمد الشرفي في (شرح الأساس) أنه لا يوصف بأنه قادر حقيقة ولا عالم حقيقة إلا اللّه؛ لأنه جل وعلا قادر لا بقدرة وعالم لا بعلم، وغيره قادر وعالم بقدرة وعلم مجعولين له، فهو في الحقيقة مقدر ومعلم.
  وظاهر كلامه أن هذا مذهب الأئمة $، قال: واعترضه بعضهم بأن المعلوم أن قولنا: زيد قادر وعالم حقيقة لغوية، كضارب وقاتل، مع أنه يلزم من القول بأنه مجاز الجبر وأجاب بأن المعلوم أن معنى قولنا: زيد قادر وعالم أنه قادر وعالم بقدرة وعلم خلقهما اللّه،