مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الركن الرابع: المستعاذ منه وهو الشيطان

صفحة 264 - الجزء 1

الركن الرابع: المستعاذ منه وهو الشيطان

  والمقصود دفع شره من الوسوسة وغيرها من همزه ونفخه وخدعه ونحوها، ويتعلق بهذا الركن مسألتان:

  المسألة الأولى: دلت الاستعاذة على وجود الشيطان؛ إذ المعدوم لا يكون منه فعل فيستعاذ منه، والكتاب والسنة ناطقان بوجوده، وذلك معلوم.

  المسألة الثانية: في الحكمة في خلق إبليس، وتخليته وتمكينه من إغواء العباد، وإنزال الضرر بهم كما يقتضيه قوله تعالى: {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}⁣[البقرة: ٢٧٥]، والذي يجري على قواعد العدلية أن وجه الحكمة في ذلك أنه زيادة في التكليف، وذلك أدخل في باب الثواب، إذ الثواب على قدر المشقة، ولا شك أن هذا الوجه يقتضي حسن هذا التمكين كما يقتضي حسن التكليف.

  قال الإمام (أحمد بن سليمان) #: وقد يمكن أن يكون إضلال الشيطان للإنسان بالإرسال من الله والتخلية عقوبة للإنسان على معصيته، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ١٣٧}⁣[النساء].

  وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ٣٦}⁣[الزخرف].

  وأما تمكينه من إنزال الضرر فكسائر وجوه الابتلاء من الأمراض