مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2789 - الجزء 5

  بالكنه، كما لا يستدعي تصور بعض أفراد شيء من أطرافه بالكنه، هكذا حرر أصحابنا وغيرهم هذا الوجه وجوابه.

  وهو جواب مفيد على هذا التحرير لكن الرازي أورده في التفسير على وجه آخر، وهو: أن كل أحد يعلم بالضرورة أنه يعلم وجود نفسه، وأنه يعلم أنه ليس على السماء ولا في لجة البحر، والعلم الضروري بكونه عالما بهذه الأشياء علم باتصاف ذاته بهذه العلوم، والعالم بانتساب شيء إلى شيء عالم لا محالة بكلا الطرفين، قال: فلما كان العلم الضروري بهذه المنسوبية حاصلاً كان العلم الضروري بماهية العلم حاصلاً، وإذا كان كذلك كان تعريفه ممتنعاً.

  وحاصل كلامه أن العلم بالنسبة الذي هو التصديق بديهي، فيكون السابق على هذا التصديق وهو العلم بالطرفين أولى بأن يكون بديهيا لما مر⁣(⁣١).

  وأجيب بأنه يكفي في التصديق تصور الطرفين بوجه ما، ولا يحتاج فيه إلى تصورهما بالحقيقة، كما يحكم على جنس معين مشاهد من بعد بأنه شاغل لحيز معين، مع الجهل بحقيقة الحيز والشغل، فاللازم مما ذكره تصور مطلق العلم بوجه ما بديهياً، ولا نزاع فيه، بل في تصوره بنفس الحقيقة.

  الوجه الثاني مما احتجوا به: أن تصور العلم لو كان كسبياً فالمعلوم ضرورة أنه لا يعرف بنفسه؛ لأنه يكون من تعريف الشيء.


(١) من أن العلم بالجزء سابق على العلم بالكل. تمت مؤلف.