مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في أقوال الناس في حد العلم

صفحة 2809 - الجزء 5

  عند الحكماء من أنه جوهر مجرد⁣(⁣١) غير متعلق بالبدن خرج إدراك اللّه تعالى للمدركات، وإدراك الإنسان، وإن أريد به النفس على اصطلاحهم⁣(⁣٢) خرج إدراك الإنسان.

  ويرد عليه كثير مما ورد على حدهم للعلم، فالحد الأول أولى لسلامته من ذلك، وقربه من المعنى اللغوي، وإن كان قد ورد عليه عدم شموله إدراك البسايط؛ لأن التمام لا يعقل إلا في المركبات، وقد أجيب بأن المراد بالتمام الكنه والحقيقة.

  وقيل: بل المراد به أعم مما بالكنه وغيره، فيشمل البسيط؛ لأنه يحد بالجنس والفصل إلا أنهما فرضيان، فإن العقل يخترع منه شيئاً يقوم مقام الجنس، وشيئاً يقوم مقام الفصل. كتعريف السواد بأنه لون قابض للبصر.

  وقوله في الحد من نسبة أراد به النسبة الحكمية⁣(⁣٣) في التصديق، والتقييد بة في التصور، وقوله: أو غيرها وهو المحكوم عليه أو به.

  إذا عرفت هذا فالإدراك ليس مرادفاً للعلم، بل هو أعم منه؛ لأنه ينقسم إلى تصور ولا يكون إلا علماً خلافاً للمناطقة كما مر، وتصديق، وهو ينقسم إلى جازم وغير جازم، والجازم ينقسم إلى علم واعتقاد، والاعتقاد إلى صحيح، وفاسد وغير الجازم ينقسم إلى ظن


(١) أي ليس بجسم ولا جسماني. تمت مؤلف.

(٢) وقد مر. تمت مؤلف.

(٣) أي التي معها حكم كإدراك الإنسان والكاتب وكون الكاتب ثابتاً للإنسان أو منفياً عنه. تمت مؤلف.