مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2812 - الجزء 5

  المتشكل، إلا أن الناس لما تخيلوا أن حقائق المعلومات تصير حالة في القوة العاقلة كما أن الشكل والهيئة يحلان في المادة الجسمانية أطلقوا لفظ التصور عليه بهذا التأويل.

  إذا عرفت هذا فالتصور ليس مرادفاً للعلم، بل هو نقيضه بالنظر إلى المعنى اللغوي، وقسم منه بالنظر إلى الاصطلاحي، وقد قسمه العلماء باعتبار معناه الاصطلاحي إلى ضروري ونظري، فالضروري منه ما لا يحتاج في معرفته إلى حد، كعلمنا بزيد، والحرارة، والبرودة، ونحو ذلك مما نجد من أنفسنا العلم بها بلا واسطة نظر في جنس وفصل، بل يدركها العقل بضرورته، والنظري بخلافه وهو ما لا يدرك إلا بالحد ونحوه⁣(⁣١)، كالعلم بماهية العالم، والمحدث، والملك، والجن، والإنسان، ونحو ذلك مما لا تحصل صورته عند العقل إلا بتفكر في جنسه وفصله، وقد استفيد من هذا أنه لا طريق إلى تحصيل النظري من التصور إلا الحد وما في معناه، وهو الرسم والشرح، فالحد إن كان المطلوب العلم بالماهية مفصلاً، والرسم إن كان المطلوب مجرد تمييزها عن غيرها والشرح هو الحد اللفظي إن كان المطلوب العلم بها مجملاً.

  الرابع: الحفظ. وهو لغة: الحراسة والاستظهار، قال في القاموس: حفظه كعلمه حرسه، والقرآن استظهره، والمال رعاه.

  وقال الراغب: الحفظ يقال تارة لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم، وتارة لضبط في النفس، ويضاده النسيان، وتارة لاستعمال


(١) الرسم والشرح. تمت مؤلف.