مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2813 - الجزء 5

  تلك القوة فيقال: حفظت كذا حفظاً، ثم يستعمل في كل تفقد، وتعهد، ورعاية.

  وأما معناه في الاصطلاح فمأخوذ مما مر، وقد حققه الرازي فقال: إذا حصلت الصورة في العقل وتأكدت بحيث لو زالت تمكنت القوة العاقلة من استرجاعها سميت تلك الحالة حفظاً، ولما كان لفظ الحفظ مشعراً بالتأكد بعد الضعف لم يسم علم اللّه حفظا، ولأنه إنما يحتاج إلى الحفظ ما يجوز زواله.

  قلت: وهو قريب من المعنى اللغوي، إلا أن الظاهر أنه بناه على ما ذهب إليه الحكماء من إثبات القوة الباطنة والمتكلمون ينفونها، وقد علمت مما ذكرنا أنه غير مرادف للعلم وإنما هو لفظ يطلق على نوع من العلم خاص، وقول الرازي: إنه لا يجوز إطلاقه على اللّه غير مسلم؛ إذ المعنى اللغوي لا يثبت في حقه تعالى، ولما مر في قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٩}⁣[البقرة].

  الخامس: التذكر. هو مأخوذ من الذكر والذكر في اللغة الحفظ للشيء، كالتذكار، ذكره في القاموس.

  وقال الراغب الذكر تارة يراد بها هيئة للنفس بها يمكن الإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة وهو كالحفظ، إلا أن الحفظ يقال اعتباراً بإحرازه، والذكر يقال اعتبارا باستحضاره وتارة يقال لحضور الشيء بالقلب أو القول؛ ولذلك قيل: الذكر ذكران ذكر بالقلب وذكر باللسان وكل منهما ذكر عن نسيان، وذكر لا عن نسيان،