تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي
  بل عن إدامة الحفظ، وهذا يفيد أن التذكر يقال على استمرار الدرس ونحوه طلباً لاستدامة الحفظ، وعلى استحضار ما قد ذهب عنه بالنسيان بعد حفظه وطلب استرجاعه. وهذا المعنى هو الذي ذكره في (المقاصد). وقد مر.
  وذكره أيضاً الرازي فقال: إن الصورة المحفوظة إذا زالت عن القوة العاقلة فحاول الذهن استرجاعها فتلك المحاولة هي التذكره ثم ذكر أن في هذا سر وإشكالا لا تقف عليهما العقول ولا يعلمهما إلا الحي القيوم، حاصلهما أن الصورة الزائلة إن كانت مشعوراً بها فهي حاصلة، والحاصل لا يمكن تحصيله، وإلا كان الذهن غافلا عنها، والمغفول عنه يستحيل طلبه واسترجاعه وعلى كلا التقديرين يكون التذكر بهذا المعنى ممتنعاً مع أنا نجد أنفسنا طالبة لاسترجاعها، ثم قال: وهذه الأسرار إذا توغل العاقل فيها وتأملها عرف أنه لا يعرف كنهها، مع أنها من أظهر الأشياء عند الناس، فكيف القول في الأشياء التي هي من أخفى الأمور وأعضلها على العقول والأذهان.
  والجواب: أنه لا إشكال في ذلك، وقد تقدم نحو هذا في السابعة من مسائل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} الآية [البقرة: ٢١]، واستوفينا الجواب هنالك في المقام الأول منها والثاني، وحاصله أن المطلوب لا بد وأن يكون معلوماً من وجه، مجهولاً من وجه، ولا محذور في طلبه من الوجه المجهول؛ لأنه ليس مجهولاً مطلقاً فيستحيل طلبه، وتوجه النفس إليه، بل هو معلوم ببعض عوارضه الذي هو الوجه المعلوم، وبما تقرر يعلم أن الإشكال الذي أورده الرازي