تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي
  إنما يتأتى لو قيل: إن التذكر معلوم من كل وجه، أو مجهول من كل وجه، ويكفي في الدلالة على أنه معلوم من وجه اعترافه بأنا نجد أنفسنا طالبة له؛ إذ لو لم يكن معلوماً من وجه لم يحصل ذلك الوجدان ضرورة استحالة طلب المجهول المطلق، ونحن نعلم من أنفسنا أنا لا نتوجه إلى تذكر الصورة الزائلة ونطلب استرجاعها إلا إذا علمنا أنها قد كانت محفوظة لنا ثم زالت ولم نعلم بما كان محفوظاً على الوجه الأكمل، وهذا هو معنى قولنا: إنه معلوم من وجه، مجهول من آخر، ثم إن قوله: إذا كانت مشعوراً بها فهي حاصلة، إن أراد أنها حاصلة على الوجه الأكمل ناقض ما مر له في معنى الشعور، وإن أراد أنها مدركة إدراكاً متزلزلاً بطل قوله بامتناع طلبها إذا لم يكن المعنى حاصلاً بتمامه والمطلوب هو تمام المعنى.
  نعم، وقد استفيد مما ذكر أن التذكر ليس علماً، وإنما هو طريق من طرق العلم، يطلب به استدامته واسترجاع الزائل منه بعد حصوله.
  السادس: الذكر، وقد عرفت معناه لغة، وهو في الاصطلاح الوجدان الحاصل بعد التذكر، كما مر، وقال الرازي: الصورة الزائلة إذا عادت بعد الطلب سمي ذلك الوجدان ذكراً، فإن لم يسبق بزوال لم يسم ذكراً، ولهذا قال الشاعر:
  الله يعلم أني لست أذكره ... وكيف أذكره إذ لست أنساه
  فجعل النسيان شرطاً لحصول الذكر، ويوصف به القول؛ لأنه سبب