مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2858 - الجزء 5

  من بعد آدم من نسيها، فاصطلح جماعات على هذه اللغات التي يبعد أن يعلمها الحكيم شخصا واحدا مع غناء أحدها.

  والجواب من وجهين: جملي، وتفصيلي. أما الجملي فهو أن جميع ما ذكروه خلاف الظاهر ولا موجب له، وكل ما كان هذا حاله وجب رده.

  وأما التفصيلي فنقول:

  الجواب عن الوجه الأول والثاني بأنهما خلاف الظاهر، وبأن الأصل عدم وضع سابق. وعن الثالث كذلك وبأن قوله: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ}⁣[البقرة: ٣١] {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}⁣[البقرة: ٣٣] نص في أنه ليس المراد بالأسماء المسميات، وأيضاً لو كان التعليم بالمسميات لما صح الإلزام للملائكة $. ضرورة أن إلزامهم لا يكون إلا بما اختص بالعلم به آدم دونهم وهم يعلمون الحقائق؛ إذ منها ما يدرك بالحواس كالمبصرات والمسموعات. لا يقال: الفضيلة بإدراك الحقائق أفضل، إذ هي المقصودة بالمعرفة، والأسماء كالآلة التي يتوصل بها إلى الإدراك والتمييز، وأيضاً التحدي إنما يجوز بما يمكن السامع من مثله في الجملة؛ إذ لا يحسن من العربي أن يقول للزنجي: تكلم بلغتي وأفصح بمثل بلاغتي، والمعلوم أن العقل لا طريق له إلى معرفة اللغات، بخلاف العلم بالحقائق فإنه متمكن من تحصيله فيجب أن يكون التحدي إنما وقع به؛ لأنا نقول: لا نسلم أن الفضيلة بإدراك الحقائق أكثر، سلمنا، فذلك لا يوجب حمل الآية عليها؛ إذ المقصود ما به تظهر الحكمة في خلق آدم وبيان فضيلته في العلم وهي تحصل بما ذكرنا.