مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2860 - الجزء 5

  قيل: الباري تعالى لا تجوز عليه الإشارة؛ لأنها لا تتم إلا بآلة وكونه في جهة، والعلم الضروري الذي يدعيه الأشعري لا يجوز مع بقاء التكليف؛ لأن معرفة اللّه تعالى نظرية، وكونه مريداً لمعنى مخصوص من اللفظ صفة له تعالى، ولا يجوز أن تعلم الذات دلالة والصفة ضرورة، وأيضاً العلم النظري يدخله التشكيك، بخلاف الضروري، وكيف يصح أن يكون شاكاً في الذات مع كونه يعلم صفتها ضرورة، ألا ترى أنه لا يصح كون أحدنا يعلم كون الجسم متحركاً وهو شاك في جمود الجسم.

  فإن قيل: لِمَ لا يصح أن يخلق اللّه من لا يكون مكلفاً ويغنيه بالحسن عن القبيح، ويكمل عقله، ويضطره إلى معرفة المراد فيخبرنا، ويضيف إلى ذلك قرائن تضطرنا إلى قصده وإن كنا مكلفين؛ لأنه وإن كان لا يصح الاضطرار إلى مراد الباري تعالى فيصح الاضطرار إلى قصد أحدنا.

  قيل: ذلك جائز عقلاً لكن لا دليل عليه.

  فإن قيل: لا مانع من أن يحصل العلم الضروري بها لغير العاقل، كما أنه قد يحصل للصبيان العلم الضروري ببعض المعلومات.

  قيل: من البعَيد أن يحصل العلم بهذه اللغات مع ما فيها من الحكم العجيبة لغير العاقل، والعلم الحاصل للصبيان إنما هو في المحسوسات من دون شعور منهم لما تضمنته من الحكم الغريبة.

  احتجوا ثانياً بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}⁣[ابراهيم: ٤]