مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 31 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العلي

صفحة 2861 - الجزء 5

  أي بلغتهم، وبيان الاحتجاج بها أنها تدل على سبق اللغات للإرسال، ولو كان حصول اللغات بالتوقيف فلا يتصور التوقيف إلا بإرسال الرسل إليهم، لسبق الإرسال للغات، فيلزم الدور، لتقدم كل من الإرسال واللغات على الآخر، فتعين أن تكون اللغات سابقة على الإرسال، وإذا كانت كذلك فلا تكون إلا بالمواضعة.

  قالوا: وطريقنا إلى العلم بقصد الواضع ما يصحب القول من القرائن أو الإشارة، نحو أن يشير بيده إلى كتاب ويقول لمن قد عرف معنى خذ لقرينة: خذ هذا الكتاب، ونحو، أن يقول لمن عرف معنى خذ ومعنى البيت: خذ الكتاب من البيت وليس في البيت غير الكتاب، وهذه القرائن قد تفيدنا الضرورة بقصد الواضع، ولذلك إن أعجمياً قد يضطر إلى معرفة المراد من كلامنا بالقرينة، والصبي يعلم ما تلقنه أمه من الكلام بالقرائن.

  قال الموفق باللّه: وبهذا يبطل قول القاسم على أنه لا يمكنا معرفة فائدة الكلام وقصده.

  والجواب عن الحجة الأولى: بأنكم بنيتموها على أنها لو كانت توقيفية لما عرف المراد منها؛ إذ لا طريق إلا بالإشارة أو العلم الضروري، وقد أبطلتموهما، ونقول: لم لا يجوز أن يعلم بقرينة غير الإشارة كما قلتم في الطريق إلى معرفة مراد أهل الاصطلاح؟ وما المانع من حصول العلم الضروري للعاقل الذي ليس بمكلف أو لغير العاقل كما مر؟ ولا مانع من ذلك عندكم إلا عدم الدليل، والاستبعاد؛