مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2888 - الجزء 5

  وأدوم لعدم تخلل الشواغل {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ٢٠}⁣[الأنبياء] وأقوم لعدم مخالطتها للمعاصي المنقصة للثواب، وأشق؛ لأن مسكنهم السماوات وهي محل الراحة والتنزه واللذة، وهم مع ذلك سالمون من الآفات، مستغنون عن طلب الحاجات، والمعلوم أن من كان كذلك فإنه يكون ميله إلى الراحة والدعة أشد، والمعلوم من حالهم أنهم مع هذه الأسباب والدواعي إلى الترفه والنعيم مشتغلون بالعبادة، خاضعون خاشعون للمعبود جل وعلا مشفقون كأنهم مسجونون، والأجر على قدر المشقة.

  وأما الأدلة النقلية: فآيات كثيرة منها قوله تعالى: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ}⁣[الانبياء: ٢٧] وقد مر الكلام عليها في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}⁣[البقرة: ٣٠]. ومنها ما سيأتي الكلام عليه في مواضعه، ومنها أنهم رسل اللّه تعالى إلى الأنبياء، والرسول أفضل من الأمة المرسل إليها، دليله الرسل من البشر، فإنهم أفضل من أممهم ولا يعترض بأنه يلزم أن يكون الفرد من آحاد الناس إذا أرسله ملك إلى ملك أفضل من الملك المرسل إليه؛ لأنا لا ندعي اطراد ذلك، بل خصصناه برسل اللّه، وذلك أنا وجدنا رسل اللّه من البشر أفضل من المرسل إليهم ضرورة، ولا وجه لتفضيله عليهم إلا كونه رسول اللّه فوجب اطراد هذه العلة بأن نقول: كل من أرسله اللّه فهو أفضل من المرسل إليهم لكونه رسول اللّه تعالى.

  ومنها: اطراد تقديم ذكر الملائكة على ذكر الأنبياء، والمفضول لا يقدم على سبيل الاطراد.