مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2902 - الجزء 5

  والجواب: أنه قياس في اللغة وبالفرق فإن الخبر ليس المطلوب فيه الامتثال ولا إيقاع فعل، وإنما هو دال على وقوع أمر أو لا وقوعه في المستقبل، ففي أي وقت وقع فقد حصلت الدلالة وكشف عن صدق الخبر بخلاف الأمر فإن المطلوب به الامتثال، ولا يُعد ممتثلا إلا بإيقاع المأمور به ولا يأمن من فوته إن لم يعجل فيكون عاصياً إن فات والإقدام على ما لا يؤمن قبحه قبيح.

  الخامس: أنه لو قيل: أعط رجلاً، درهماً، لم يختص برجل معين ولا درهم معين، بل له أن يعطي أي رجل شاء أي درهم، فكذلك لا يجب أن يعطيه على الفور لعدم الاختصاص بوقت دون وقت.

  والجواب: أنه قياس في اللغة، وبأن عدم التعيين في الرجل والدرهم مستفاد من تنكيرهما، لا من الأمر، وبأنه احتجاج بمحل النزاع، وبأنه يعود على مذهبكم بالنقض.

  السادس: أن فريضة الحج نزلت سنة ثمان وحج رسول اللّه ÷ سنة عشر، فلو كان الأمر يقتضي الفور لما أخر النبي ÷.

  والجواب: أنه قد روي أنه كان حج قبل الهجرة، سلمنا فلعله أخره لعذر، فلا يكون دليلاً على التراخي.

  احتج القائلون بأنه وضع لمجرد الطلب لحقيقة الفعل فقط بأن ما ذكره الفريقان الأولان لا ينتهض على المطلوب، فلا يفيد الأمر إلا طلب مطلق الفعل، والفور والتراخي موقوفان على القرائن الخارجية؛