المسألة الرابعة [دلالة الأمر علي الفور]
  قلنا: بل يفيد؛ إذ الظن كاف في مدلولات الألفاظ كما مر(١) في اقتضائه الوجوب.
فرع: [في فعل المأمور به في غيرما هو له على حسب الخلاف]
  ذهب القائلون بأنه للفور إلى أن من أخر عن أول أوقات الإمكان يكون عاصياً بالتأخير؛ لأن الواجب هو ما لا يجوز تركه، فلو جاز تركه في الزمن الأول لما كان متصفاً بالوجوب، واختلفوا في فعله في الثاني هل يكون بالأمر الأول أو لا، فذهب أكثرهم إلى أنه يجب في الثاني بالأمر الأول؛ لأن التقدير افعل في الوقت الأول وإن لم ففي الثاني، ثم كذلك إلى انتهاء التكليف.
  وقال الكرخي، وأبو عبد اللّه: بل لا يجب إلا بدليل غيره، وظاهر حكاية الحاكم عن أهل الفور اتفاقهم على هذا، فإن الإمام المهدي حكى عنه أنه قال: ومن قال إن المطلق للفور فهو لا يجب فعله بعد التراخي إلا لدليل، ولم ينسب الإمام المهدي القول الأول إلا إلى الرازي.
  والحجة لهؤلاء من وجهين:
  أحدهما: أن الفور كالتأقيت، والمؤقت إذا فات وقته لم يلزم فعله بعد إلا بدليل آخر، فكذلك المطلق إن لم يفعل فورا.
  ثانيهما: أن مقدورات القدر لا يصح عليها التقديم والتأخير،
(١) في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ}. تمت مؤلف.