مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [تكليف من علم الله بكفره]

صفحة 2911 - الجزء 5

  احتج الأولون بوجوه:

  أحدها: الآية الكريمة، فإنها تدل على كونه منهم من وجهين:

  أحدهما: استثناؤه منهم، والاستثناء إخراج ما لولاه لدخل أو لصح خروجه، وهو حقيقة في المتصل، فلا يعدل عنه لغير موجب.

  ثانيهما: أن الأمر قد تناوله وإلا لما استحق الذم، ولا يتناوله الأمر إلا إذا كان من الملائكة.

  قالوا: الاستثناء المنقطع شائع في اللغة.

  قلنا: مسلم لكنه على خلاف الأصل، فلا يصار إليه إلا لدليل ولا دليل هنا، وما استندتم إليه في إخراجه منهم لا ينتهض دليلا على ذلك. كما سنبينه.

  قالوا: نحن نلتزم بقاء الاستثناء على حقيقته من الاتصال، لكن ذلك لا يوجب كونه من الملائكة لجواز أن يكونوا غلبوا عليه، قال الزمخشري: {إِلَّا إِبْلِيسَ} استثناء متصل؛ لأنه كان جنياً واحداً بين أظهر ألوف من الملائكة مغموراً بهم فغلبوا عليه في قوله: {فَسَجَدُوا} ثم استثني منهم استثناء واحد منهم، أو يقال: إنه لما نشأ بينهم والتصق بهم جاز أن يتناوله الخطاب. قال الهادي #: وإنما جاز أن يجعل إبليس معهم في الأمر وإن لم يكن من جنسهم إذ كان حاضراً لأمر اللّه لهم فأمره بالسجود معهم وإن لم يكن جنسه من جنسهم، وحاصله أنه مستثنى من المأمورين بالسجود⁣(⁣١)، ولا يمتنع اختلاف جنس المأمورين بفعل شيء واحد.


(١) أي من خصوص الملائكة. تمت مؤلف.