تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  إلا الترمذي، وروى له الأخوان والمرشد بالله. وقد أخرج معنى ما رواه ابن جرير عن ابن عباس: وكيع، والمنذر، والبيهقي في الشعب، وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب الأضداد، وذلك مبسوط في (الدر المنثور).
  احتج الآخرون بوجوه:
  أحدها: أن الملائكة معصومون على ما مر بيانه، وإبليس ليس بمعصوم، فوجب أن لا يكون منهم.
  وأجيب بأن أدلة العصمة لم تتناول إلا بعضهم، وذلك ظاهر، وفي؛ تقسيم علي # للملائكة $ إلى أنواع ما يدل على ذلك، قال # بعد ذكر خلقهم، ووصف حالهم ما لفظه: (وأنشأهم على صور مختلفات، وأقدار متفاوتات، أولي أجنحة تسبح جلال عزته، لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه، ولا يدّعون أنهم يخلقون شيئاً معه مما انفرد به(١)، {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ٢٧}[الأنبياء] لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، جعلهم الله فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه، وحملهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه، وعصمهم من ريب الشبهات، فما منهم زائغ عن سبيل مرضاته، وأمدهم بفوائد المعونة، وأشعر قلوبهم تواضع إخبات السكينة، وفتح لهم أبواباً ذللاً إلى تماجيده، ونصب لهم مناراً واضحة على أعلام توحيد ... إلى أن قال: ومنهم من هو في خلق
(١) فيه إشارة إلى أن أفعال العباد مخلوقة لهم؛ لأن فائدة هذا القيد أعني قوله: مما انفرد به، إنما تظهر بذلك. تمت مؤلف.