مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2943 - الجزء 5

  ومذكرة بعقاب الآخرة، وداعية إلى التوبة وغيرها من الطاعات، أو تعود عليهم بالضرر المستحق كعقاب الدنيا والآخرة، ويلحق بكل واحد من هذه الأقسام ما لا تتم إلا به كالإرادة، وعلى الجملة لا تعدو أفعاله تعالى ستة أقسام: المنعم عليه، والنعمة، وما لا يتم كونها نعمة إلا به من القصد، والمنتقم منه، والنقمة، وما لا يتم كونها نقمة إلا به من القصد، والثلاثة الأول متلازمة، والأخيرة كذلك، ولا يصح في ابتداء الخلق إلا الثلاثة الأول؛ لأنه لا مستحق للضرر حينئذ، والمعلوم أنا نعلم بالعقل حسن الابتداء بالنفع وما يؤدي إليه، فيتحصل من ذلك القطع بأن الله تعالى متفضل بإيجاد الخلق، أعني المكلفين من الجن والإنس؛ إذ الكلام فيهم، والسؤال إنما هو عنهم، ومعنى التفضل عليهم هو تمكينهم من منافع غير مستحقة⁣(⁣١)، وحسن ذلك معلوم ضرورة كما مر قريباً، وفي الفاتحة، وفي قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] وهذا قول العدلية جميعاً، وقد نبه الله على ذلك وبقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات] وإلزامه تعالى إياهم عباداته عرض على الخير الذي هو الفوز بالثواب الدائم والسلامة من العقاب اللازم؛ إذ لا يكون الثواب والسلامة من العقاب إلا لمن عبده من المكلفين لما مر من أنه لا يحسن الابتداء بالثواب.

  وقال قاضي القضاة: بل خلقهم لإظهار قدرته، ونحوه للهادي، روى عنه في (البدر الساري) أنه قال: خلق الله الخلق لإظهار حكمته


(١) وهو الفوز بالثواب والتنعم الدائم والدرجات الرفيعة مع ما لهم في الدنيا من النعم الجسيمة. تمت مؤلف.