تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  وإظهار قدرته؛ لأنه ليس من صفة الحكيم أن يستر حكمته ويفنيها، فلإظهار حكمته خلق الخلق، ولم يكن بد مما يعيشون فيه فخلق ما فيها، فلما خلقهم كذلك لم يكن بد مما يأمرهم وينهاهم ويوفقهم على رشدهم وغيهم، ويبين لهم رضاه وسخطه، فلما فعل ذلك كانوا مأمورين ومنهيين، فلم يكن بد من ترغيب وترهيب، فخلق النار ترهيباً وعقوبة للعصاة، وخلق الجنة ترغيباً وثواباً لأهل طاعته. وفيه عن فاطمة الزهراء &: (وفطرها يعني الأشياء لغير فائدة زادته إلا إظهاراً لقدرته، ودلالة على ربوبيته، وإمداداً لأهل دعوته، ثم جعل الثواب على طاعته حياشة لعباده إلى جنته، ووضع العقاب على معصيته زيادة لعباده عن معصيته).
  وقد رد الإمام المهدي قول القاضي وقال: إنه بعيد؛ لأنه لا غرض له في إظهار قدرته؛ إذ لا تجوز عليه الرغبة في مثل ذلك؛ إذ يستلزم الحاجة ولا نفع للمخلوق فيه، فلا وجه لجعله غرضاً في خلق العالم.
  وقال الرازي وبرغوث: بل خلقهم لا لغرض. لنا ما مر.
  وقالت المجبرة: بل خلقهم ليدخل بعضهم الجنة وبعضهم النار كقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}[الأعراف: ١٧٩] فظاهرها يقضي بمقالتهم.
  والجواب: أن الظاهر إذا خالف دليل العقل ومحكم الكتاب وجب العدول عنه، وظاهر هذه الآية كذلك، فيجب تأويلها والعدول بها عن ظاهرها، أما مخالفته لدليل العقل فلأنه تعالى لو ابتدأ خلقهم للنار