تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  وكان ذلك مراده تعالى لكان ظلماً، والظلم قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح، أما أنه يكون ظلماً فلأنه ابتداء بالضرر الخالص عن نفع يجبره، أو دفع ضرر أو في منه، ولا هو من باب المستحق على فعل متقدم يستوجبه به، وذلك هو معنى الظلم؛ لأن من عرفه بهذه الصفات عرف، وأما أنه تعالى لا يفعل - عرفه ظلماً ومن لا فلا، وإن عرف ما القبيح فذلك معلوم، وقد مر في الفاتحة(١).
  وأما مخالفته المحكم الكتاب فلأنه مخالف لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات] وهي عامة؛ لأنه تعالى نفى أن يكون خلق أحداً من الجن والإنس إلا لعبادته على وجه العموم، إلا أنا خصصنا من لم تكمل فيه شرائط التكليف بدليل، وبقي ما عداه داخلاً في العموم وإذا تقرر لك امتناع العمل بظاهر الآية التي احتجوا بها، وأنه يجب تأويلها، فلنأخذ فيما ذكره أئمة العدل من التأويل المقبول، الموافق لمحكم التنزيل ودلالة العقول.
  وقد ذكروا فيها أقوالاً:
  أحدها: أن اللام على أصلها، والمراد بالذرء الذرء الثاني، وهذا رواه الشرفي عن القاسم والهادي.
  الثاني: أنها للتعليل المجازي، كما قال الزمخشري، قال في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ...} الآية [القصص: ٨]، فإنه قال: هذه اللام للتعليل كقولك: جئتك لتكرمني سواءً سواء، ولكن معنى التعليل فيها وارد
(١) في السابعة من مسائل الحمد لله. تمت مؤلف.