تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  وتحقيق الجواب أن نقول: قد تقرر في تلك المسألة، وفي الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}[البقرة: ٧] أن الإحسان المجرد عن الغرض سوى كونه إحساناً كاف في البعث على الفعل، ولو علم أن ذلك المحسن إليه لا يقبل إذا كان قد مكنه وهداه ودله على طريق الوصول إلى المنفعة، وإبليس بهذه المثابة فإن الله تعالى قد أنعم عليه بالخلق وعرضه على منافع عظيمة، ودله عليها، ومكنه منها، فاستحب العمى على الهدى، واختار الضلالة والردى، وهذا واضح.
  قال الديلمي: وليست الخلقة موجبة لما صار إليه عدو الله من الضرر والشر لقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، بل الموجب له ما كان من سوء الاختيار بالاستكبار والتعزز بخلقه من النار. قال: وأيضاً إنما يقبح خلقه إذا علم صدور القبيح منه لو كان علمه موجباً للقبيح، بحيث لا يمكن أن يقع منه خلافه، والأمر بخلافه، ولا غرض للقديم تعالى في معاقبة الخلق بغير حق {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ}[النساء: ١٤٧].
  قلت: وقد مر في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}[البقرة: ٧] ما ذكره أصحابنا في تحقيق كون العلم لا يؤثر في المعلوم، ولا يمنع من وقوع خلافه، فارجع إليه.
  والجواب عن السؤال الثاني: قد مر في السابعة من مسائل الحمد الله.
  فإن فيها إقامة البرهان القاطع على حسن التكليف.
  قوله: وكل ما يعود على المكلفين .... إلخ.