مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2950 - الجزء 5

  والجواب عن الخامس والسادس: يؤخذ من الركن الرابع من الاستعاذة، وكذلك الجواب عن السابع - أعني أن ذلك كله زيادة في التكليف.

  قال الديلمي: اعلم أن موضع التكليف هو الابتلاء والاختبار بالمشاق العظيمة، والأخطار الجسيمة، ولا شك أن التكاليف مع تبقية إبليس وإمهاله أشق، والابتلاء بها أعظم، وهو في الثواب داخل⁣(⁣١).

  قوله: لو كان العالم خالياً من الشر لكان خيراً.

  قلنا: قد أنبأناك أن موضع التكليف الابتلاء والمشقة، فإذا كان امتزاجه بالشر زيادة في التكليف وبزيادته يعظم الثواب كان اختلاطه بالشر حسناً، وحينئذ يكون ذلك الامتزاج وعدم الخلو مما به يزيد التكليف المستلزم لزيادة الثواب خيراً لا شراء بهذا الاعتبار، ويكون وضع العالم على ما وضع عليه خيراً كله، ولو سلم أن في ذلك الامتزاج شرا فقد ثبت أن الله تعالى حكيم فلا يفعل ذلك إلا لحكمة، وهي ما ذكرنا من زيادة المشقة والابتلاء كما قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}⁣[الانبياء ٣٥] ولأن بذلك يعرف قدر الخير؛ إذ يعرف الشيء بضده كما مر، ولذلك قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}⁣[الذاريات: ٤٩] قيل: أي الفقر والغنى، والحياة والموت، والصحة والمرض، فلولا الشر لما عرف الخير، ولسنا نريد بقولنا: ولو سلم أن في الامتزاج شراً أن الله تعالى خلق إبليس لفعل الشر، فحاشا حكمة الباري وعدله عن ذلك، فإنه لم يخلقه لذلك، ولم يرد منه إلا فعل


(١) هكذا في الأصل، ولعلها (أدخل) والله أعلم.