مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 35}

صفحة 2975 - الجزء 5

  من الجنة وإشقائهم يدل على ذلك؛ إذ لو كانت من جنان الدنيا لم تخل من شقاء، والقول بأنها جنة في السماء مما لا دليل عليه.

  تنبيه: قد تقدم في الرابعة من مسائل قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧] احتجاج من يقول بتكليف ما لا يطاق بهذا الخبر، وقد أجبنا عليه هنالك.

  الوجه الثالث: ما مر في في الثانية من مسائل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ...} الآية [البقرة: ٢٣] من الأخبار الدالة على وجود الجنة والنار، فإنها موجبة لصرف الجنة المذكورة في قصة آدم إلى الجنة المعدة لثواب المؤمنين، وقد تقدم هنالك عن الوصي # ما يدل على أن جنة آدم هي دار الخلود.

  الرابع: ما ذكره القوشحي من انعقاد الإجماع على ذلك، قال بعد أن قرر أن جنة آدم هي دار الخلود ما لفظه: وانعقد عليه الإجماع قبل ظهور المخالفين، قال: وحملها على بساتين الدنيا يجري مجرى التلاعب بالدين والمراغمة لإجماع المسلمين.

  هذا، وإذا ثبت الاستدلال بالآية على وجود الجنة فكذلك النار، إذ لا قائل بالفصل.

  أجاب القائلون بعدم خلقهما الآن بوجوه:

  أحدها: ما مر في الثامنة من مسائل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ}⁣[البقرة: ٢٣] من الدلالة على منع وجود الجنة والنار الآن، وذلك - يوجب صرف لفظ الجنة في الآية المذكورة إلى معنى لا يمنع منه الدليل.