مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 35}

صفحة 2983 - الجزء 5

  وقد استدل السيد مانكديم وغيره على صحة هذا الحد بأن من عرف الضرر بهذه الصفات عرفه ظلماً، ومن لا فلا، ولهذا فإنهم لما اعتقدوا⁣(⁣١) الضرر على هذا الوجه من الحية بدخولها جحر الفأرة وإخراجها منه قالوا: أظلم من حية.

  قال السيد: وإذا استعمل في غير ذلك فمجاز، كما يقال للسحاب إذا مطرت في غير حينها ظالمة، تشبيهاً بالظلم الحقيقي، لكن لا يجب في اللفظ إذا استعمل مجازاً في موضع أن يستعمل في غيره، بل يقر حيث ورده فلا يقال: ظلمت الريح أو النار⁣(⁣٢).

  وإذا عرفت حقيقة الظلم فقد اختلف في معنى ظلم آدم وحواء @.

  قال الرازي: اتفقوا على أن المراد بقوله تعالى: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ٣٥}⁣[البقرة] هو أنكما إن أكلتما فقد ظلمتما أنفسكما؛ لأن الأكل من الشجرة لا يقتضي ظلم الغير، وقد يكون ظالماً بأن يظلم نفسه وبأن يظلم غيره، فظلم النفس أعم وأعظم، ثم اختلف الناس على أقوال: فقيل: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ٣٥} لأنفسكما بإخراجكما من دار النعيم إلى دار الشقاء، أو بالأكل الذي نهيتما عنه، أو بالفضيحة بين الملأ الأعلى، أو بمتابعة إبليس أو بفعل الكبيرة كما ذهبت إليه الحشوية، أو الصغيرة كما يقوله أئمتنا والمعتزلة.

  واختلف أبو علي وأبوهاشم في وجه تسميته ظالماً لنفسه، مع كون


(١) أي العرب. تمت مؤلف.

(٢) شرح الأصول الخمسة للسيد ما نكديم ص (٣٤٧).