مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 35}

صفحة 2984 - الجزء 5

  معصيته صغيرة، فقال أبو علي: لأنه ألزم نفسه ما يشق عليه من التوبة والتلافي، وقال أبو هاشم: بل بإحباط بعض الثواب الحاصل.

  وقيل: إنما ظلما أنفسهما بترك الأولى، وهو مبني على أن النهي للتنزيه. قالوا: ومثاله إنسان طلب الوزارة ثم إنه تركها فإنه يقال له: يا ظالم نفسه.

  والأولى من هذه الأقوال قول من ذهب إلى أنهما ظلما أنفسهما بفعل الصغيرة، وقد مر أن الظلم يستعمل في الذنب الصغير والذنب الكبير ويدل على صحة ذلك ما روي عن أمير المؤمنين # من تقسيم الظلم إلى ثلاثة أقسام، ولفظه: «ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}⁣[النساء: ٤٨]، وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً». رواه في (النهج).

  قال ابن أبي الحديد ما معناه: أراد # بالقسم الأول الكبائر عند أصحابنا وإن لم يذكرها؛ لأن حكمها حكم الشرك عندهم، وبالثاني الصغائر عندهم، وبالثالث حقوق البشر بعضهم على بعض فإنه لا بد من عقاب فاعله، وإنما أفرده بالذكر مع دخوله في القسم الأول ليميزه بكونه متعلقاً بحقوق بني آدم بعضهم على بعض، وليس الأول كذلك.