مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 2997 - الجزء 5

  الأشياء كلها إلى الفاعل المختار ابتداء أن لا يخلق الله فيهم ذنباً⁣(⁣١) ومثله في شرح شفاء القاضي عياض ونسبه إلى المتكلمين، ويعني متكلمي أصحابه، فهي عندهم أمر عدمي، وقد صرح به بعضهم، وعلى ما حكاه الأصحاب عنهم هي أمر وجودي، وقال الحسن: كلام بعضهم أنها قد تكون أمراً وجودياً، وقد تكون عدمياً، قال في (التحرير) لابن الهمام: العصمة عدم القدرة على المعصية، أو خلق مانع منها غير ملجئ.

  قال الخفاجي: وهو مناسب لقول الماتريدي: العصمة لا تزيل المحنة أي الابتلاء المقتضي لبقاء الاختيار، ومعناه أنها لا تجبره على الطاعة ولا تعجزه عن المعصية، بل هي لطف من الله تعالى تحمله على فعل الخير، وتزجره عن الشر، مع بقاء الاختيار، تحقيقاً للابتلاء.

  قال ابن التلمساني: هي عند الأشعرية تهيئة العبد للموافقة مطلقاً. وقالت الحكماء: هي مَلَكَةَ تمنع من الفجور، حاصلة من العلم بمثالب المعاصي⁣(⁣٢) ومناقب الطاعات، فإنه الزاجر عن المعاصي والداعي إلى الطاعات، وتتأكد في الأنبياء $ بالوحي والاعتراض على ما يصدر عنهم من الصغائر، وترك الأولى، فإن الصفات النفسانية تكون أولاً أحوالا غير راسخة، ثم تصير ملكات، أي راسخة في النفس.

  قيل: وهذا الحد بناء على ما يذهبون إليه من القول بالإيجاب اعتبار استعداد القوابل.


(١) أي الأنبياء. تمت مؤلف.

(٢) في شرح شفاء القاضي عياض: حاصلة من العلم بالقبائح والمحاسن. تمت مؤلف.