مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]

صفحة 3016 - الجزء 5

  قلت: ومن الأدلة السمعية قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ٤٧}⁣[ص] ونحوها، مما أثنى الله فيه علي الأنبياء $ ونص على اصطفائهم واجتبائهم واستخلاصهم، وغير ذلك من الأوصاف الحميدة، والممادح الجميلة.

  وأما الدليل العقلي فهو من وجوه:

  أحدها ما مر في الفصل الثالث من أن ذلك يوجب النفرة.

  الثاني: أن صدور المعصية منهم يستلزم أن يكونوا أقل درجة من عصاة الأمة؛ لأن من كانت درجته أشرف يكون وقوع الذنب منه أفحش، ولا يجوز أن يكونوا أقل درجة من غيرهم بالإجماع، فيجب أن لا تصدر منهم المعصية.

  الثالث: أنا مأمورون باتباعهم أمراً مطلقاً، فلو صدر منهم ذنب وجب اتباعهم فيه والمعلوم أن الاقتداء بالعاصي في معصيته محرم فيلزم اجتماع الحرمة والوجوب، وهو محال.

  الرابع: أنه لو صدر عنهم ذنب لكانوا معذبين أشد العذاب؛ لأن عليهم وزرهم، ووزر من اقتدى بهم، وأجمعت الأمة على أن أحداً منهم لم يستحق عذابا، فثبت أنه لم يصدر عنه معصية.

  احتج المخالف بقصص الأنبياء $، فإنها توهم صدور الكبائر عنهم في زمن النبوة وقبلها، وقد ذكرها الله في القرآن.

  قلت: وسنذكر كيفية احتجاجهم بتلك القصص، ونجيب عنها