تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}
  السابع: أنه أخرج من الجنة كما قال تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}[البقرة: ٣٦] والإخراج بسبب إزلال الشيطان دليل كون الصادر عنهما كبيرة.
  والجواب من وجهين: جملي، وتفصيلي أما الجملي فهو أنا إنما منعنا الكبائر من الأنبياء $ حيث تقع منهم تمرداً وتعمدا على الحد الذي لو وقعت من غيرهم كانت فسقاً، فأما إذا كانت بصورة الكبيرة، لكنها على جهة الخطأ والتأويل بحيث لو وقعت من أحدنا لم تكن فسقاً فلا يمنع وقوع صورتها منهم؛ إذ وقوعها على هذا الوجه لا يقتضي التنفير.
  قال الإمام أحمد بن سليمان: اعلم أن الأنبياء À بشر من الناس يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كما قال تعالى، وأنهم مركبون على الشهوة، والكراهة، والغفلة، والذكر، والنسيان إلا في تبليغ ما أمروا به فإنهم معصومون عن النسيان، والغفلة، والسهو، والكذب؛ لأن الله قد اختارهم لتبليغ رسالته، وأداء أمانته، ولا يجوز أن يرسل من ينسى شيئاً من تبليغ الرسالة أو يسهو عنها، أو يكذب.
  قال #: فهذه الجملة لا تجوز على الأنبياء، بل هم معصومون عنها، وكذلك تعمد معصية الله قال تعالى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة]، فأما في سائر أفعالهم غير تبليغ الرسالة فإنه يجوز عليهم النسيان، أو الغفلة، والخطأ في التأويل، والعجلة، وقد ذكر الله عنهم ذلك، وذكر توبتهم منه وندمهم، وإقلاعهم، واستغفارهم.