تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}
  عن كل واحد من هذه الوجوه، وهو الجواب التفصيلي فنقول:
  الجواب عن الأول: تسميته عاصياً لا يقتضي كون معصيته كبيرة، والمعاصي منقسمة إلى صغائر وكبائر، والآية واردة في أهل الكبائر لما ثبت من غفران الصغائر، ويجوز شمولها لأهل الصغائر بشرط عدم اجتناب الكبائر لقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء: ٣١].
  وعن الثاني: بأن الوصف بالغواية لا يقتضي كبر المعصية إذ يوصف بها مرتكب الصغيرة، وذلك واضح.
  وعن الثالث: بأنه لا قبح في التوبة عن الصغائر، وليس في توبته منها ما يدل على كبرها.
  وعن الرابع: أن النهي إما للتنزيه كما قيل فلا إشكال، وفيه نظر، وإما للتحريم فلأصحابنا في تأويل إقدامه وجوه:
  الوجه الأول: أن الإقدام كان عمداً، لكن كان معه من الوجل والخوف والإخلاص ما صيره في حكم الصغيرة، وفيه نظر، فإن المتعمد لترك الواجب أو فعل المنهي عنه تكون معصيته كبيرة وإن صحبها خوف ووجل، ولا يصح وصف الأنبياء $ بذلك.
  الوجه الثاني: ذكره الإمام الهادي # وهو أن إقدامه على أكل الشجرة كان في حال النسيان لقوله تعالى: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ١١٥}[طه] قال #: يقول: لم نجد له عزماً على اعتمادها وأكلها بعينها. وقد أوضح الإمام المهدي توجيه النسيان فقال: إن الشيطان