مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 3022 - الجزء 5

  أي الشجرة المعينة، فتركها وتناول من شجرة أخرى من ذلك النوع. فأخطأ في اجتهاده؛ لأن مراد الله النهي عن النوع لا الشخص، لكنه اجتهاد في الفروع، والخطأ فيه يكون صغيرة مغفورة.

  واعترض من وجوه:

  أحدها: أن كلمة هذا في اللغة موضوعة للإشارة بها إلى الحاضر، والحاضر لا يكون إلا معينا، وورودها للإشارة بها إلى النوع على خلاف الأصل، وإذا ثبت هذا فما عدا المعين خارج عن النهي لا محالة، والمجتهد مكلف بحمل اللفظ على حقيقته، وآدم قد فعل ما يجب، فيلزم أن لا يوصف بالخطأ ولا بالعصيان، ويؤيد ذلك أن العقل يقتضي حل الانتفاع بجميع المنافع إلا ما خصه الدليل، والدليل لم يخص إلا المعين، وقد جاء الشرع مؤكداً لدليل العقل وهو قوله: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا}⁣[البقرة: ٣٥] فإنه يتناول ما عدا المعين.

  الثاني: سلمنا تردد كلمة هذا بين النوع والشخص، فلا يجوز من الله تعالى ترك البيان للمراد منهما، وحينئذ فآدم إما مقصر في معرفة البيان، أو لم يقصر، بل عرف أن المراد النوع، وعلى أيهما فإقدامه على تناول شجرة من ذلك النوع يكون عمداً، لا خطأ.

  الثالث: أن الأنبياء $ لا يجوز لهم الاجتهاد؛ إذ لا يوصل إلا إلى الظن، ولا يجوز العمل به مع إمكان العلم وهو ممكن في حقهم فالإقدام على الاجتهاد معصية.

  الرابع: أن المسألة إن كانت قطعية كان الخطأ فيها كبيراً،