تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}
  وإن كانت ظنية فكل مجتهد في الظنيات مصيب، فلا خطأ أصلاً، وإن قلنا: إن الحق فيها واحد فالمخطئ معذور اتفاقاً، فكيف وصف آدم بسببه بالعصيان، وأخرج من نعيم الجنان إلى دار الذل والهوان.
  وأجيب عن الأول: بأن لفظ هذا وإن كان في الأصل للإشارة به إلى الشخص فقد يستعمل في النوع كما مر، ويجوز أن يكون الله تعالى قد قرن به ما يدل على أن المراد به الإشارة إلى النوع.
  وعن الثاني: بأنه يجوز كونه قصر في معرفة الدليل ظناً أنه لا يلزمه معرفته، أو عرفه عند النهي ثم غفل عنه.
  وعن الثالث: بأنه لا حاجة بنا إلى كونه متمسكاً بالاجتهاد لما بين من تجويز ظنه عدم وجوب معرفة الدليل المعين للمراد، أو أنه غفل عنه.
  وعن الرابع: بأنه يجوز كونها قطعية، إلا أنه لما نسيها صار النسيان عذراً في كونها صغيرة، أو يقال: هي ظنية إلا أنه ترتب عليها من التشديدات ما لا يترتب على خطأ سائر المجتهدين؛ لأن ذلك مما يجوز اختلافه باختلاف الأشخاص، وكما أن الرسول # مخصوص بأمور كثيرة في التشديد والتخفيف، فكذلك هنا، ذكر معنى هذه الأجوبة الرازي، ثم قال: يمكن أنه ظن أن النهي إنما كان عن أكلهما مجتمعين؛ إذ لا يلزم من النهي عن الاجتماع النهي عن الانفراد، فلعل الخطأ كان من هذا الوجه.
  والجواب عن الوجه الخامس، مما قرر به القائلون بجواز الكبائر على الأنبياء $ احتجاجهم بالآية وهو أن الله سماهم ظالمين: بأن الظلم مراتب، وقد تقدم تحقيقها.